البندير لوحده لا يكفي للوصول إلى النجومية .. فالأخلاق قبله يا عبدية
مع تطور وسائل التواصل الاجتماعي، صارت الأغاني تداول على أوسع نطاق وفي ظرف وجيز، بحيث تجد كل أسبوع تطرح أغنية جديدة، بنفس التفاهة، نفس المضمون، نفس اللحن تقريبا، بكلام سوقي تافه، تجد في رصيد مغن معين كذا وكذا من الأغاني كلها عن الحب، و كلها تعالج الأمر من منظور سطحي، هدفها دغدغة مشاعر المستمعين ، لذلك الموهبة إن وجدت لا تكفي وحدها، بل لا بد من مستوى ثقافي وفكري معين.
بل أن الأمر أصبح أكثر اشمئزازا من حيث النعوت والأسماء التي يختارها هؤلاء المغنيين ،وكلها تبتدئ ب”مول” ( لحنش ،البندير ،الطعريجة ،البلغة ،الضفيرة ،البرويطة ..) وهلما جرى وكلها أسماء تنم عن مستوى الوعي الفكري والثقافي الذي يمتلكونه ،دون الرجوع إلى ما يمكن أن تحمله أغانيهم من مضامين تساهم في نشر الوعي المجتمعي أو معالجة ظاهرة ما .
والأمر نفسه مع مولات البندير التي انتزعها الفيسبوك واليوتوب من بين نبتة “شوكة حمار” المنتشرة ببحيرة سيدي عبد الرحمان ،حيث كان المكان مسرحا لترديدها أغاني من الزمن البعيد ليس لها لحنها ،ولا مصدر كلماتها ،ولا حتى تاريخها وأسباب غنائها “العيطة” ،هاته المبتدئة والتي تسمي نفسها غصبا “إكرام العبدية” والتي لا تعي رمزية الإسم الذي اتخذته لنفسها ،ولا تعرف معنى المرأة العبدية ؟على الخصوص ،ومن تكون المرأة العبدية ؟ ولو سألت واهتمت ليوم واحد لتلخصت لديها المرأة العبدية في المنتفضة والمناهضة للهيمنة الذكورية والسلطوية والديكتاتورية ،المرأة التي بقيت ملتصقة متشبثة بأصولها الزيدية رغم الترغيب والترهيب .
لكن جهلها جعلها تحت طائلة سؤال تافه من معد برنامج تافه تتنكر لأصولها ولعاداتهم وتقاليدهم .ولم تسمع بأن البندير لوحده لا يكفي للنجومية وإنما الأخلاق وعزة النفس ،واحترام الأصول والعادات والتقاليد ،واختيار الأغاني التي تعالج الظواهر الاجتماعية وتساهم في نشر الوعي الفكري المتزن ،حيث إذا كانت الحافلة كما تبجحت بالقول أنها تعج بالنشالين والمجرمين ،كان عليها أن تفكر في نسج كلمات تحارب الظاهرة بلحن مؤثر ،وحينها يحق لها أن تقول: لاحظت كذا وساهمت بهذا ،وتكسب احترام وتقدير جمهورها .
يكمن الصدق الفني،في التعبير عن المكنون الإنساني في سموه ،والصدق في النهاية يعد من «قيمة أخلاقية رفيعة»، وإذا كان الصدق في الفن يتمثل في البراعة الفنية، أي في قدرة المغني على إيصال المعاناة التي يريد تصويرها، وهذا يقتضي منه المعرفة العميقة بطبيعة المعاناة والتدريب على تجسيد ملامحها، فإن الصدق في الرد هو من المبادئ الأولى في أخلاق الفنان ،وإكرام (العبدية)كذبت في أنها لم تستقل الحافلة ،لدى عليها أن تعرف أن الأخلاق قبل البندير للوصول إلى النجومية .